الإخوان المسلمون في ايران من" الخميني" إلى "روحاني"
الخميس 17/أبريل/2014 - 08:01 م
حسن البنا
العلاقات الإخوانية الإيرانية قديمة، ترجع بداياتها إلى العام 1938 وحتى الآن، فقد كشف ثروت الخرباوي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان- في لقاءٍ خاص معه- عن وثيقة تاريخية بقيام السيد روح الله مصطفى الموسوي الخميني عام 1938، بزيارة المقر العام لجماعة الإخوان، وتشير هذه الورقة إلى لقاء خاصّ تمّ بين المرشد الأول للجماعة حسن البنا والسيد روح الله مصطفى الخميني، الذي أصبح فيما بعد الإمام آية الله الخميني مفجر الثورة الإيرانية.
وعندما تبنى الأزهر الشريف سياسة التقريب بين المذاهب، زار رجل الدين الإيراني محمد تقي القمي مصر، والتقى حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، وشارك الرّجلان في اجتماعات التقريب بين المذاهب.كما زار "نواب صفوي"، مؤسس الحركة الشيعية الثوريَّة "فدائيان إسلام" المناوئة لحكم الشاه آنذاك- مصر بدعوة من الإخوان المسلمين. نواب صفوي وسيد قطب يقول سالم البهنساوي أحد مفكري الإخوان المسلمين: منذ أن تكوَّنت جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية والتي أسهم فيها الإمام البنَّا والإمام القمي- والتعاون قائم بين الإخوان المسلمين والشيعة، وقد أدَّى ذلك إلى زيارة الإمام نواب صفوي سنة 1954 للقاهرة، ثم قال: "ولا غرو في ذلك فمناهج الجماعتين تُؤدِّي إلى هذا التعاون". وقد قوبل نواب صفوي بترحاب وحماس شديدين من قبل الإخوان، الذين أرادوا توطيد علاقتهم بهذه الحركة الشيعية الإيرانية المناهضة للشاه في تلك الفترة. وقد استمرت العلاقات جيدة بين الجانبين طول حكم الشاه، وعقب الثورة كان الإخوان أول المؤيدين لها؛ ما أتاح فرصة لقبول ظهور جماعة الإخوان في إيران- بدا مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران ووصول رجال آية الله الخميني المتأثر بأفكار الإمام حسن البنا وسيد قطب إلى سدة الحكم؛ مما شكلت طهران دعما قويًا لجماعة الإخوان. وبين الإخوان ونظام رجال الدين الحاكم بإيران العديد من القواسم المشتركة في مقدمته التنظيم والكفاح السياسي، وهو الطريق إلى إعادة إحياء الأصل الإسلامي وبنائه من جديد، والنظرة إلى الحضارة الغربية بصفتها حضارة متقدمة مادياً ومتخلفة روحياً، وأن الإسلام هو صاحب رسالة عالمية ومؤهل لقيادة العالم.
التأسيس والنشأة احمد مفتي زاده فتحت العلاقات الوثيقة بين تنظيم الإخوان والنظام الحاكم عقب قيام الثورة الإسلامية إلى تأسيس جماعة الدعوة والإصلاح في إيران، والتي تمثل الإخوان المسلمين في بلاد فارس بداية انتصار الثورة عام 1979. وتأسس فرع الجماعة على يد مجموعةٍ من الدعاة المتأثرين بالثورة الإسلامية في إيران، في أوساط أهل السنة والجماعة، وعلى رأسهم الشيخ ناصر سبحاني والراحل الشيخ أحمد مفتي زاده، فقد أعدمت المخابرات الإيرانية الأول عام 1990، فيما قُتل الثاني مسموما في 1993م، بعد إطلاق سراحه من السجون الإيرانية، الذي قضى فيه نحو عشر سنوات. ويصل عدد فروع الجماعة إلى 12 محافظة بإيران أغلبها محافظات سنية، وتمارس نشاطاتها بشكل شبه رسمي ملتزمة بمنهج الوسطية، بعيدة عن التطرف وإثارة الخلافات بین المسلمین.المنهج الفكري- الاعتقاد بعالمية رسالة التوحيد.- الاعتقاد بأن الإسلام هو الطريق الوحيد للحياة السعيدة.- الاعتقاد بأن الإسلام يضمن حقوق الإنسان والحريات عامة.- الاعتقاد بتعدد الآراء وتعدد الأحزاب على أساس حرية الفكر والتعبير في الإسلام.- الاعتقاد بمبدأ الشورى والالتزام برأي الجماعة.
- الاعتقاد بوحدة الأمة الإسلامية والوفاق الوطني ومراعاة حقوق الأقليات.- الإيمان بالاعتدال والوسطية في الفكر والعمل ونبذ التطرف والعنف.
- الإيمان بضرورة العمل الجماعي والتأكيد على مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.الأهداف- حماية الحقوق والحريات الدينية والمذهبية والقومية.
- حماية الحقوق والحريات الفردية والاجتماعية والسعي لتحقيقها.- العمل من أجل التطور السياسي والثقافي والاقتصادي، ومحاربة الفقر والحرمان.
- العمل من أجل الاستقرار وتأكيد الشرعية في المجتمع.- العمل من أجل ترسيخ العلاقات القائمة على الديمقراطية مع جميع الأحزاب والحركات والتنظيمات، بهدف التعاون والمشاركة المدنية.- الاهتمام بالمساجد والمدارس الدينية وحماية المؤسسات الثقافية والتعليمية.- العمل من أجل المحافظة على حقوق المرأة الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية.- العمل من أجل الارتقاء والنمو الفكري والجسدي والأخلاقي للأطفال والناشئين والشباب.
- العمل من أجل المحافظة على رءوس الأموال الوطنية.يعد إخوان إيران من مواطني الجمهورية الإسلامية، ويعتبرون أنفسهم ملتزمين بالدستور الإيراني، وینشطون في إطار قوانين البلاد، آخذين في الاعتبار الخطوط الحمراء والحساسيات والنقاط الدقيقة لاستمرار وديمومة حياتهم التنظيمية.
جماعة الإخوان وعلاقتها بالنظام الإيراني عقب وصول آية الله الخُميني إلى عرش إيران، عقب نجاح الثورة الإسلامية- بادرت أمانة سر التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، إلى الاتصال بالمسئولين الإيرانيين؛ بغية تشكيل وفد من الإخوان لزيارة إيران، للتهنئة بالثورة وتدارس سبل التعاون المشترك.
وبالفعل، عينت إيران ضابطًا، للاتصال بالتنظيم الدولي للإخوان في لوجانو/ سويسرا، بتاريخ 14 مايو 1989؛ لدراسة القرارات السريعة، ومنها تشكيل وفد من الإخوان لزيارة إيران وتقديم التهاني بمناسبة نجاح الثورة الإيرانية والإطاحة بالشاه، وفعلا تمت الزيارة عقب وصول الخميني إلى طهران بعدة أسابيع برئاسة يوسف ندا، القطب الإخواني الكبير والمشرف وقتها على أموال الجماعة وعلى قسم الاتصال بالعالم الخارجي. وصدر كتيب عن الثورة الإيرانية لإبراز الإيجابيات الصادرة عن الثورة وقياداتها من أقوال ومواقف، وأحد البيانات الصادرةعن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين يصف الإمام الخميني بأنه "فخر المسلمين"، ولا ننسى- أيضا- ذلك الموقف الذي وقفته جماعة الإخوان المسلمين في مصر ضد استقبال الشاه المخلوع، وإقامتها نصبا تذكاريا للشهداء الإيرانيين الذين سقطوا برصاص قوات الأمن والجيش إبان الثورة. وبناء صلات تنظيمية مع حركة الطلبة المسلمين في إيران عن طريق الاتحاد العالمي للطلبة المسلمين وتنشيط عملية الترجمة من وإلى الفارسية، خاصة فيما يتعلق بكتابات الإخوان المسلمين.عمر التلمساني وكتب عمر التلمساني، مرشد الإخوان الأسبق في مجلة "الدعوة" المصرية عام 1985 قائلا: "إن التقريب بين المذهب السني والمذهب الشيعي يعد الآن مهمة ملحة للفقهاء"، وأضاف: "إن الاتصالات بين الإخوان المسلمين ورجال الدين الإيرانيين لم يكن الهدف منها أن يعتنق الشيعيون المذهب السني، ولكن الهدف الأساسي الالتزام برسالة الإسلام في توحيد الفرق الإسلامية والتقريب بينها قدر المستطاع".وهناك نقاط كان التعاون فيها بين الإخوان وإيران أكثر وضوحا وانفتاحا، ففي عام 1988- على سبيل المثال- وافق الإيرانيون بناء على طلب من الشيخ محمد الغزالي على الإفراج من جانب واحد عن جميع السجناء المصريين الذين حاربوا مع الجيش العراقي ضد إيران. محمد مهدي عاكف وفي 28 يناير 1982 صرح المرشد العام السابق للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف، في مقابلة له مع وكالة الأنباء الإيرانية- بأن الإخوان المسلمين يؤيدون أفكار ومفاهيم الجمهورية الإسلامية، وأضاف أن أفكار آية الله الخميني خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، هي امتداد لتوجه الإخوان نحو مكافحة الاحتلال. وامتدت علاقتهم في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حيث اتفق الطرفان في معاداتهما لنظام مبارك، ووصفه بأنه حليف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وكذلك رفضهما اتفاقية السلام مع إسرائيل، ودعم إيران لحركة حماس فرع الإخوان في قطاع غزة.
وعقب 25 يناير ازداد التقارب الفعلي بين جماعة الإخوان وإيران، من خلال توجيه آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران تحية إلى ثوار التحرير، واصفا إياهم بأنهم أبناء حسن البنا، وهي إشارة صريحة وقوية إلى طبيعة العلاقة بين أبناء البنا وأبناء الخميني.
واعتبر الدكتور علي أكبر ولايتي وزير الخارجية الإيراني الأسبق والمستشار الأعلى لمرشد النظام الإيراني علي خامنئي، أن الإخوان المسلمين هم الأقرب إلى طهران بين المجموعات الإسلامية كافة. وقال: "نحن والإخوان أصدقاء، ونقوم بدعمهم، وهم الأقرب إلينا عقائدياً بين جميع الجماعات الإسلامية".
وكانت إيران أول المهنئين بفوز الدكتور محمد مرسي برئاسة جمهورية مصر، وقد كانت هناك خطب عديدة في صلاة الجمعة بإيران، وأغلبها تعبر عن موقف رسمي دعا المصريين إلى التقارب الإيراني المصري بانتخاب الدكتور مرسي باعتبار ذلك واجباً دينياً، لا يُعفى منه أحد.
وعقب وصول الإخوان إلى الحكم، رأى نائب وزير الخارجية الإيراني للشئون العربية حسين أمير عبد اللهيان، بأن طهران تشعر بالارتياح لوصول الإخوان إلى أماكن متقدمة في قيادة بعض الدول العربية، بعد اكتساحهم نتائج الانتخابات البرلمانية، كما حدث في تونس، ومصر، والمغرب.
وعقب ثورة 30 يونيه وسقوط حكم الإخوان، ما زالت وسائل الإعلام الإيرانية تعتبر ما حدث في مصر انقلابًا على نظام حكم الإخوان.
الهيكل التنظيمي لإخوان إيران يعتبر تأسيس الجماعة عقب الثورة الإيرانية، والتي جاءت نتيجة للعديد من المشاورات لعلماء أهل السنة بتشكيل جماعة الدعوة والإصلاح، لتحقيق طموحاتهم في العمل العام. ووفقًا للمادة 6 من النظام السياسي لجماعة إخوان إيران، تتكون أركان الجماعة من: المؤتمر العام، الشورى المرکزی، والمراقب العام، الهيئة التنفيذية المرکزیة، اللجنة الإدارية، وهيئة الرقابة والتحكيم. ويبلغ أعضاء "الشورى المركزي" 11 عضواً أصلیا و3 احتیاطیین، ویتم اختیارهم بالتصويت الخفي، ویجب أن یحصلوا علی ثلث أصوات أعضاء المؤتمر العام، ومدته القانونية 4 سنوات وفقا للتقويم الإيراني.
مرشد الاخوان في ايران ومن أهم صلاحيات الشورى العام وفقا للمادة 17 من النظام الأساسي، اختیار المراقب العام والمسئول الإداري حسب الأکثریة النسبیة للأصوات في أول اجتماع لها، توجیه الدعوة إلی الأعضاء وإقامة المؤتمر العام حسب النظام الأساسي، إعداد القوانین والنظم الداخلیة والمصادقة علیها، وتبلیغها إلی الجهات المعنیة للتنفیذ، تأسیس لجان الجماعة ومؤسساتها حسب الحاجة أو حل أي منها، التخطیط للجان الجماعة ومؤسساتها، التخطیط للقضایا المالیة والمصادقة علی المیزانیة السنویة المقترحة، إقامة الدعوی والقیام بالرد علی الدعاوى المتعلقة بالشخصیات الحقیقیة أو الاعتباریة ضد الجماعة عند جمیع الجهات ذات الصلاحیة، تقدیم مندوبي الجماعة في المحافل السیاسیة والثقافیة والعلمیة، تقدیم مسودة "میثاق المبادئ والقیم" و"النظام الأساسي" واستراتيجيات الجماعة إلی المؤتمر العام للمصادقة علیها، الموافقة علی المرشحین المقدمین من قبل الأمین العام لترأسهم الهیئات التنفيذية في المحافظات أو اللجان والمؤسسات المرکزیة أو رفضهم، إعداد وکتابة تقارير عن نشاطات الجماعة لتقدیمها إلی المؤتمر العام، تقییم نشاطات الجماعة ومعرفة مواطن الخطر والخلل فیها، اتخاذ المواقف الفکریة والسیاسیة للجماعة، اتخاذ القرار بشأن أي نوع من أنواع الائتلاف أو التعاون مع الأحزاب أو الجماعات أو الفئات، وتأسیس اللجنة الإدارية للجماعة. هذا وتأتي أهم شروط العضوية بالجماعة بأن يكون العضو إيراني الجنسية، دفع حق العضویة بمقدار 2% من معدل الدخل الفردي شهریاً، الالتزام بحقوق الأخوة الإیمانیة وواجباتها، اجتیاز المراحل التربویة، وليست له عضویة في الأحزاب والجماعات السیاسیة الأخرى.أعضاء الشورى المركزي
بيراني يتكون الشورى المركزي لإخوان إيران من 10 أعضاء من مختلف المحافظات الإيرانية، وخاصة في محافظة كرمنشاه، وكردستان إيران.
والجماعة تنتشر في إيران بشكل عام وخاصة بمناطق السنة، ومقر الجماعة بالعاصمة طهران، كما أن لها فروعا في مختلف المحافظات، أهمها كرمنشاه، والتي تعد ثقل جماعة الإخوان، وكردستان إيران، وخرسان، وفارس، وشيراز، وللجماعة تواجد ضعيف في إقليم سيستان بلوشستان شرق إيران، والذي غلب عليه الفكر السلفي. وأصبحت الجماعة تضم مختلف شرائح المجتمع، كعلماء الدين، أساتذة الجامعات، والمفكرين، المعلّمين، طلاب الجامعات، طلبة المدارس الشرعیة الأهلیة، السوقة، العمال، وغيرهم، ولها نشاط اجتماعي وثقافي كبير بين أهل السنة في إيران، بالإضافة إلى علاقاتها مع باقي المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية. ومثل سياسة الإخوان الأم في مصر، والحرص على التواجد بالجامعات والنقابات المهنية، يوجد العديد من أعضاء جماعة الإخوان كأعضاء تدريس ببعض الجامعات الإيرانية، بالإضافة إلى تواجدهم في النقابات المهنية والعمالية. وتدعم الجماعة مشروع التنمیة السیاسیة، سعیًا لإيجاد مناخ يتيح للمواطنين الدخولَ في عملية المشارکة والمنافسة السياسية، واتخاذ خطوات لتحقيق التقارب بين أتباع المذاهب الإسلامية. ويتشكل "الشورى المركزي" لجماعة الإخوان من المراقب العام لجماعة الإخوان بإيران، "المرشد" عبد الرحمن بيراني، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة طهران، ويدرس القانون بجامعة الخرطوم، وانتخب بیراني في المؤتمرين الأول والثاني للجماعة اللذين عُقدا في (2001م- 2006م)، أميناً عاماً لجماعة الدعوة والإصلاح في إيران.