الإخوان والماسونية ا/ثروت الخرباويالثلاثاء 31-12-2013 21:59
https://soundcloud.com/almasryalyoum/1-1-2014-1
كانت رحلتى نحو الحقيقة حينما كنت فى الإخوان قد بدأت منذ سنوات بعيدة بغير ترتيب مسبق، إذ لم يرد فى خاطرى أن جماعة الإخوان تضمر فى نفسها حقائق مفزعة لا يعرفها معظم أفرادها، فالأسرار محفوظة عند الكهنة الكبار، فى صندوق خفى لا يستطيع أحد أن يطلع على ما فيه، إذ إن العتمة التى يعيشها أفراد الجماعة تحجب عنهم نور الحقيقة، وحين سرتُ وراء بصيص الضوء أرانى الله ما يعجز العقل عن استيعابه لأول وهلة، فمن عاش فى العتمة زمنا يفاجئه النور فيغشى بصره للحظات ويصعب على حدقتيه استيعاب الضياء، وقتها قد تنكر العينُ الضوء وتستنكره، وما أصعب أن نستنكر الحقيقة. وتستنكره، وما أصعب أن نستنكر الحقيقة.
انكببت فى فترة من حياتى على القراءة عن الماسونية، وكان مما قرأته أن الأفراد العاديين للماسون لا يعرفون الأسرار العظمى لتنظيمهم العالمى، تلك الأسرار تكون مخفية إلا على الذين يؤتمنون على الحفاظ على سريتها، وتكون هى الهيكل الذى يحفظ كيان الماسونية، وعند بحثى فى الماسونية استلفت نظرى أن التنظيم الماسونى يشبه من حيث البناء التنظيمى جماعة الإخوان، حتى درجات الانتماء للجماعة، وطريقة البيعة وأسلوبها وعباراتها وجدتها واحدة فى التنظيمين!.
وعندما كنت طالبا فى السنة النهائية بكلية الحقوق وقعت تحت يدى طبعة قديمة لأحد كتب الشيخ محمد الغزالى، وإذ جرت عينى على سطور الكتاب وجدته يتحدث عن أن المرشد الثانى حسن الهضيبى كان ماسونيا! لم تتحمل عيناى استكمال القراءة فأغلقت الكتاب ووقعت فى حيرة مرتابة، كنت فى هذه الفترة قد أحببت الإخوان وشغفت بتاريخهم، وكنت فى ذات الوقت منشدها للشيخ محمد الغزالى وخـُطـبه وكتبه وطريقته الثائرة، كان جيلى كله يعتبر الغزالى إمام العصر ومرشد العقل، لذلك كان كلمات الشيخ التى اتهم فيها المرشد الثانى حسن الهضيبى بالماسونية بمثابة صفعة على مشاعرى، أيهما أُصَدِّق؟ الإخوان الذين فى ظنى طهرهم الله فأصبحوا جماعة «ربانية» أم الشيخ الإخوانى حتى النخاع الفقيه المجدد محمد الغزالى؟ هل الغزالى يكذب؟! ويكذب علنا أمام كل الناس! هل كان حاقدا فأمسك معوله ليهدم الإخوان؟ أم أنه كان صادقا وكان الإخوان يعلنون غير ما يسرون؟ لم تنته حيرتى ولكننى وضعتها فى زاوية مهجورة من عقلى، لا هذه القصة أبدا بمجرد أن أغلقت الكتاب، بل إننى أصدرت أمرا لنفسى ألا أفتح هذا الكتاب أبدا، وكم كان سرورى حين وضعتنى الأقدار أمام هذا الموضوع نفسه بعد عدة أيام من إغلاقى الكتاب.
ومرت سنوات وسنوات وهذا الموضوع من المحرمات التى لا يجوز أن أقترب منها أو أبحث فيها، بل إننى كنت أنظر ساخرا لمن يفتح هذا الموضوع وأنا أقول لنفسى: «كيف يلتقى الدين مع اللادين، كيف يلتقى الإسلام الذى تعبر عنه جماعة ربانية بالصهيونية التى تحارب الإسلام وتحارب جماعة الإخوان» إلى أن تداخلت أحداث كثيرة فى حياتى فأخذت أبحث عن الأصول الفكرية لجماعة الإخوان، كيف فكر حسن البنا فى إنشاء الجماعة؟ ولماذا؟ وما هى الأدوات التى أمسك الإخوان بتلابيبها لكى يحققوا هدفهم الأعظم، وقتها وقعت تحت يدى مقالات كان سيد قطب قد كتبها فى جريدة «التاج المصرى» وأثناء بحثى عرفت أن هذه الجريدة كانت لسان حال المحفل الماسونى المصرى! وكانت لا تسمح لأحد أن يكتب فيها من خارج جمعية الماسون، وهنا عاد ما كتبه الشيخ الغزالى فى كتابه «ملامح الحق» إلى بؤرة الاهتمام، خرج كتاب الغزالى من الزاوية المهجورة داخل عقلى إلى أرض المعرفة، الإخوان والماسونية! عدت إلى الكتاب الذى كنت قد عزمت على ألا أعود إليه لأقرأ ما كتبه الشيخ فوجدته يقول فـى كتابه إن سيد قطب انحرف بالجماعة وإنه قد تم دسه فى الجماعة بعد أن عاد من أمريكا مباشرة، وإن المتحاقدين الضعاف من أعضاء مكتب الإرشاد استقدموا فى ذات الوقت حسن الهضيبى الماسونى والذى كان غريبا عن الجماعة ليتولى قيادتها، وإن «أصابع»! هيئات سرية عالمية اخترقت الإخوان أقترب منها أبدا ولا أتطرق إليها لا مع نفسى ولا مع آخرين، قررت أن لا أفتح
بحسن الهضيبى وسيد قطب.
ولكن هل أنا الذى كتبت هذا؟ أنا فقط أنقل ما كتبه الشيخ الغزالى، وأكتب تاريخ ما لم يُنكره التاريخ، هل قال التاريخ إن حسن الهضيبى وحده هو الذى كان ماسونيا؟ أو إن سيد قطب ارتبط معهم بصلات، وكتب فى صحفهم مقالا بعنوان «ولدت لأكون ماسونيا» لا، مصطفى السباعى الذى كان مراقب الإخوان فى سوريا كان ماسونيا هو الآخر، الموضوع جد خطير لا شك فى ذلك، لا يجوز الدخول فيه بمجرد تخمينات أو شكوك، وقد تكون نتيجة البحث فى غير صالح الإخوان، وقد تكون النتيجة فى صالحهم، وفى كلتا الحالتين يجب أن يستكشف التاريخ هذه الفرضية، ما علاقة الإخوان بالماسونية؟ هذا ما سنستكمله فى المقال القادم.
خطاب مفتوح إلى الرئيس محمد حبيب السبت 13-09-2014 21:48
Share on facebook408Share on twitter1260
انتهزت فرصة ابتعادى عن الإخوان تلك السنوات الخمس (٢٠١٠ - ٢٠١٤) ورحت - بعين البصير الناقد والخبرة الطويلة والتجربة العميقة - أغوص فى فكر الجماعة وتراثها، أسسها وقواعدها، ممارساتها وتطبيقاتها، إيجابياتها وسلبياتها، وقياداتها وأفرادها، وقد خلصت إلى ما يلى:
أولا: فى ظل الدولة الوطنية الحديثة، انتهى العمر الافتراضى لما يسمى الجماعات، ومن ثم يجب أن تحل تنظيماتها وتنصرف جهود أفرادها إلى العمل الطوعى، طبقا للقانون، سواء من خلال النقابات أو الجمعيات الخدمية والتنموية، فذلك أجدى وأنفع.. من أراد أن يشكل حزبا - وفقا للدستور والقانون - فالطريق إليه معروف، ومن أراد ممارسة العمل السياسى مستقلا فله ما يريد.. أما من يرغب فى مباشرة العمل الدعوى، فلابد أن يجاز من الأزهر، حيث إن الدعوة إلى الإسلام عقيدة وشريعة، تستلزم علما وفقها.. صحيح أن الدعوة ليست حكرا على أحد، لكنها ليست ولا ينبغى أن تكون نهبا لكل أحد.. إنه لابد من حماية البشرية، وحماية الإسلام ذاته من الفكر المنحرف، والعنف، والقتل، والإرهاب.. وأظن أن ظاهرة «داعش» ومن على شاكلتها، بغض النظر عن الظروف والسياقات التى أدت إليها وارتبطت بها، تدعونا لأن نقف مع أنفسنا ومع غيرنا وقفة حازمة وحاسمة، فقد صارت هذه الجماعات عامل هدم لا بناء، عامل شر لا خيثانيا: يبقى الأزهر الشريف - بتاريخه ومدارسه الفقهية - هو المعبر عن الإسلام الوسطى بكل ما فيه من جمال وجلال، وأن يتحمل مسؤولية نشر الدعوة إليه، فكرا وثقافة وأخلاقا وسلوكا، على المستويين الداخلى والخارجى.. ومنه يأخذ الناس دينهم..
وهذا يتطلب: ١) أن تعود للأزهر استقلاليته ومكانته وتقديره واحترامه من قبل جميع مؤسسات الدولة، فقد ظل الأزهر مخطوفا بأيد غير أمينة وغير حريصة طوال عهود الاستبداد والفساد والتخلف. ٢) أن تعمل الدولة على توفير الإمكانات المادية للأزهر ومؤسساته ورجاله حتى يستطيع القيام بدوره المامول. ٣) إعادة النظر فى التشريعات والنظم واللوائح التى تعينه على أداء مسؤولياته الكبرى على الوجه الأكمل، كمنارة للعلم والفقه ومصدر إشعاع للهدى والنور، داخليا وخارجيا. ٤) تحديد المهام الاستراتيجية للأزهر، والخطط والبرامج والوسائل والأدوات التى تمكنه من بلوغ غاياته ومراميه. ٥) إيجاد تنسيق وتعاون حقيقى وفاعل بين الأزهر من ناحية، ووزارات التربية والثقافة والإعلام من ناحية أخرى. ٦) تطوير وتحديث المناهج العلمية والتعليمية والتربوية على جميع المستويات، بما يلائم طبيعة العصر ومتغيراته ومستجداته.. ويجب أن نقر ونعترف بان خريجى الأزهر ليسوا على مستوى التحدى، ويجب إعدادهم وتأهيلهم بما يملأ الفراغ ويفى بحاجات الناس.. لذا، أرى أن يسارع رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة تضم باحثين متخصصين، ممثلين عن: شيخ الأزهر ووزير الأوقاف، الإعلام، وزارة التعليم، ووزارة الثقافة، إلى جانب أساتذة فى القانون والاجتماع السياسى والتاريخ، القديم والحديث.. وتعطى هذه اللجنة مدة ثلاثة إلى ستة أشهر، لإنجاز هذه المهمة.. وثالثا: حتى لا يكون هناك مبرر لوجود
ر، عامل تأخر لا تقدم.. وأعتقد أن مصر بما لها من تاريخ ووسطية واعتدال، يمكن أن كون لها دور بناء وخلاق..
ثانيا: يبقى الأزهر الشريف - بتاريخه ومدارسه الفقهية - هو المعبر عن الإسلام الوسطى بكل ما فيه من جمال وجلال، وأن يتحمل مسؤولية نشر الدعوة إليه، فكرا وثقافة وأخلاقا وسلوكا، على المستويين الداخلى والخارجى.. ومنه يأخذ الناس دينهم..
وهذا يتطلب: ١) أن تعود للأزهر استقلاليته ومكانته وتقديره واحترامه من قبل جميع مؤسسات الدولة، فقد ظل الأزهر مخطوفا بأيد غير أمينة وغير حريصة طوال عهود الاستبداد والفساد والتخلف. ٢) أن تعمل الدولة على توفير الإمكانات المادية للأزهر ومؤسساته ورجاله حتى يستطيع القيام بدوره المامول. ٣) إعادة النظر فى التشريعات والنظم واللوائح التى تعينه على أداء مسؤولياته الكبرى على الوجه الأكمل، كمنارة للعلم والفقه ومصدر إشعاع للهدى والنور، داخليا وخارجيا. ٤) تحديد المهام الاستراتيجية للأزهر، والخطط والبرامج والوسائل والأدوات التى تمكنه من بلوغ غاياته ومراميه. ٥) إيجاد تنسيق وتعاون حقيقى وفاعل بين الأزهر من ناحية، ووزارات التربية والثقافة والإعلام من ناحية أخرى. ٦) تطوير وتحديث المناهج العلمية والتعليمية والتربوية على جميع المستويات، بما يلائم طبيعة العصر ومتغيراته ومستجداته.. ويجب أن نقر ونعترف بان خريجى الأزهر ليسوا على مستوى التحدى، ويجب إعدادهم وتأهيلهم بما يملأ الفراغ ويفى بحاجات الناس.. لذا، أرى أن يسارع رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة تضم باحثين متخصصين، ممثلين عن: شيخ الأزهر ووزير الأوقاف، الإعلام، وزارة التعليم، ووزارة الثقافة، إلى جانب أساتذة فى القانون والاجتماع السياسى والتاريخ، القديم والحديث.. وتعطى هذه اللجنة مدة ثلاثة إلى ستة أشهر، لإنجاز هذه المهمة.. وثالثا: حتى لا يكون هناك مبرر لوجود هذه الجماعات، لابد من إزالة كل مظاهر الاستبداد، وإقامة العدل بين الناس كافة، وأخذ حق الشهداء فى القصاص، وتطهير المجتمع من الفاسدين والمفسدين، واتخاذ خطوات جادة نحو العدالة الاجتماعية.