وزير الأوقاف لـ«الوطن»: منح تصاريح خطابة لـ«برهامى» وقيادات الدعوة السلفية غير وارد على الإطلاق الآن
الدكتور محمد مختار جمعة: الإخوان والسلفيون احتلوا 75% من المساجد.. والخطاب الدينى كان مختطفاً
كتب : محمود مسلم ووائل فايزتصوير : محمود صبريالأحد 07-09-2014 10:33
طباعة قريباً سأعلن سيطرة الدولة على المساجد كافة.. ولا يوجد تدخل أمنى فى مسيرة الأوقاف الاقتصادية والدعوية والتنظيمية
اختبارات تحريرية للمتقدمين للخطابة حول القضايا الخلافية لتكون حجة عليهم إذا خرجوا عن القواعد
برنامج «الراقصة» يصب فى مصلحة الجماعات المتطرفة والإرهابية.. ونرفض الشذوذ والانحلال والفجور
على «الجمعية الشرعية» تطهير صفوفها ومجلس إدارتها من الإخوان.. ووزير الأوقاف السابق مستمر فيها كبوق للتنظيم
دعوات المصالحة مناورة إخوانية جديدة والدولة لديها خطة لمواجهة الإرهاب
كل المحاضر التى حررتها الوزارة ضد «الحوينى ويعقوب وبرهامى» تحولت إلى جنح.. والعقوبة الحبس
«الأوقاف» مسئولة عن المساجد لكن ملحقات الجمعية الشرعية تابعة لوزارة التضامن.. وهناك خطة للسيطرة على مساجد جامعة الأزهر ومدنها
خاض الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، معركة هى الأقوى ضد مشايخ التكفير، وضد منابر تستخدمها تيارات متطرفة سياسياً تحرك من خلالها الشارع حسب رغبتهم. لم ينكسر الرجل ولم يخشَ الاتهامات التى انطلقت كالسهام من كل الاتجاهات نحوه. الاتهامات التى انطلقت كالسهام من كل الاتجاهات نحوه.
وفى حواره مع «الوطن» أكد الدكتور محمد مختار جمعة أن الوزارة لن تمنح قيادات الدعوة السلفية تصريحات للخطابة، على الأقل فى الوقت الحالى، حتى لا يستخدموا الأمر فى الدعاية الانتخابية، والترويج لحزب «النور»، قائلاً إنه لا تصاريح خطابة لرموز الدعوة السلفية وعلى رأسهم الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة، خصوصاً أن المزاج الشعبى يرفضه فى الوقت الراهن بسبب فتاواه التى أثارت الكثير من الجدل والقلق مؤخراً.
غالبية الجمعيات الأهلية ظهير لوجستى للإخوان والسلفيين.. وبوابة الخلايا النائمة إلى البرلمان
وحذر وزير الأوقاف من وجود جمعيات أهلية تعمل كظهير لوجستى للإخوان والسلفيين، وتعتبر بوابة لوصول الخلايا النائمة فى التنظيم وحلفائه إلى البرلمان، لافتاً إلى أن الدولة لديها خطة لمواجهة الإرهاب، وأن دعوات المصالحة ما هى إلا مناورة منهم.
وطالب وزير الأوقاف «الجمعية الشرعية» بتطهير صفوفها ومجلس إدارتها من الإخوان وعلى رأسهم طلعت عفيفى، وزير الأوقاف السابق، الذى يعمل كبوق للتنظيم.
وأوضح «جمعة» أن الجزء الأكبر من المساجد والخطاب الدينى كان مختطفاً فى الفترة الماضية جراء سياسات تراكمية، لافتاً إلى أن كل المحاضر التى حررتها الوزارة ضد «الحوينى ويعقوب وبرهامى» وغيرهم، تحولت إلى جنح بعد صدور قانون الخطابة.. وإلى نص الحوار: ■ بداية ما حقيقة ما يتردد عن وجود اتفاق بين وزارة الأوقاف والدعوة السلفية على منح قياداتها تراخيص للخطابة؟
- بوضوح شديد لا توجد أى اتفاقات على الإطلاق سواء معلنة أو خفية بين الأوقاف والدعوة السلفية أو أى فصيل أو جماعة تخالف القانون، وأتحدى من يثبت عكس ذلك، فليس لنا وجهان وإنما نتعامل بوجه واحد ظاهره كباطنه، ونطبق القانون على الجميع، ولا نصنف المجتمع المصرى إلى شرائح وطبقات على الهوية، وسبق أن أكدت مراراً وتكراراً أننا لا نقصى أحداً على الهوية.
وفيما يخص الدعاة فالوزارة تضم نحو 100 ألف إمام وخطيب، بين معين وبالمكافأة، ونظامنا قائم على عدم الإطالة فى الخطبة، ومنع خلط الدين بالسياسة، أو توظيف المنابر سياسياً وحزبياً، أو استخدام المنبر للتخوين والهجوم على المؤسسات. ولكن ثبت لنا أن المنتمين للجماعات والفصائل الدينية لا تحتمل هذه الشروط والضوابط، وتخرج عن السياق فى مرحلة ما، ونحن لا نقصى أحداً لكونه إخوانياً أو سلفياً، وإنما نضعه تحت المتابعة الدقيقة، وإذا أدى عمله بكل منطقية وموضوعية بعيداً عن الانتماءات والأهواء والتزم تعليمات الوزارة، فلن يمسه أحد بسوء، وبالتجربة والمتابعة تأكد لنا أن الإخوان والسلفيين يخرجون عن القواعد المنظمة لعمل الوزارة لعدم قناعتهم بها، ولأنها لا تساير أهواءهم، لذلك يعلنون عن أنفسهم ويخالفون القانون، لعدم احتمالهم الصبر على التعليمات.
وفى قانون الخطابة وضعنا ضوابط، من أهمها أن يكون المتقدم للحصول على تصريح من خريجى الأزهر أو معاهد المراكز الثقافية الإسلامية، والأهم أن يكون مؤهلاً للخطابة، فالوزارة على سبيل المثال عمَّمت على
■ هل نفهم من ذلك أن الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، لن يحصل على ترخيص خطابة؟
- حال قدم أى إنسان «برهامى» أو غيره، طلباً للحصول على تصريح سنفحص ملفه، وإذا انطبقت عليه الشروط سيخضع لاختبار شفوى وتحريرى، ليس فقط فى حفظ القرآن الكريم، أو الأحاديث النبوية أو السيرة أو التفسير، أو قدرته على إلقاء الخطب، وإنما يجرى وضع أسئلة ضمن اختبار تحريرى لتكون إجابات الممتحن حجة عليه، لأن بعض الجماعات التى لديها انتماء وأفكار معينة تلجأ إلى التقية حتى تجتاز اختبارات الشفوى، ولكن عندما تتقدم لاختبار تحريرى يتناول المسائل الخلافية المثارة مثل قضايا اللحية والجلباب ومعاملة غير المسلم، يصعب عليه إخفاء طبيعة انتمائه، لأنها تكون حجة عليه، وإذا اجتاز الاختبار يوقع على ميثاق الشرف الدعوى الرافض لممارسة أى نشاط سياسى أو حزبى والتفرغ للدعوة.
■ وهل وصل إليك ملف ياسر برهامى؟
- لم يصل إلىَّ أى ملف لـ«برهامى»، وسيخضع لنفس الشروط والإجراءات حال تقدمه للخطابة، ولكن أظن أن غالبية الشعب المصرى لا يمكن أن يتقبل منح «برهامى» تصريحاً بالخطابة فى ظل إطلاقه فتاوى مثيرة للجدل والقلق، ونحن لا نستطيع منح أى تصاريح لإنسان كسر القواعد والقانون، وصعد المنبر دون إذن للجدل والقلق، ونحن لا نستطيع منح أى تصاريح لإنسان كسر القواعد والقانون، وصعد المنبر دون إذن الأوقاف، فعلى الرغم من تعهد مشايخ الدعوة السلفية باحترام القانون وعدم تجاوز تعليمات الأوقاف فإنهم تجاوزوها.
■ وما تفسيرك لذلك؟
- لم يصل إلىَّ أى ملف لـ«برهامى»، وسيخضع لنفس الشروط والإجراءات حال تقدمه للخطابة، ولكن أظن أن غالبية الشعب المصرى لا يمكن أن يتقبل منح «برهامى» تصريحاً بالخطابة فى ظل إطلاقه فتاوى مثيرة
- إما أنهم لا كلمة لهم، أو لا سيطرة لهم على ياسر برهامى وبعض مشايخهم، وفى ظل الدعاوى التى ترفعها الأوقاف ضد «برهامى» لا يمكن منحه تصاريح للخطابة، وهو مخالف لقانونها، ثم إنه إذا كان لا يحترم القانون قبل الحصول على ترخيص، فما بالك بعد حصوله عليه؟ لذلك فإن التفكير فى إعطاء القيادات السياسية، وخصوصاً قيادات الدعوة السلفية والدكتور ياسر برهامى تراخيص خطابة، غير وارد على الإطلاق فى هذه المرحلة لسببين؛ الأول: تجاوز عدد منهم للقانون، والثانى: أنهم مقبلون على معركة انتخابية، يستغلون المنابر فيها، ومهما تعهدوا وقالوا إنهم لن يوظفوا المساجد فى الدعاية الحزبية من أجل البرلمان، فهو أمر لا يصدقه أى مواطن يدرك طبيعة المرحلة، ونحن نرفض استخدام بيوت الله لتحقيق مآرب سياسية، والدعوة السلفية لن تلتزم بتعليمات الوزارة، والحكمة تقتضى إرجاء الأمر برمته لما بعد الانتخابات البرلمانية، ووقتها سيكون لكل حادث حديث.
أنا لا أتوقع أن يكون «برهامى» ورموز الدعوة السلفية المعروفون محايدين فى الانتخابات البرلمانية، وأرى أنهم سيوظفون دعوتهم لخدمة حزب النور سياسياً، وأنا على أتم استعداد لمنحهم تصاريح خطابة إذا جاءنى مسئول منهم له سيطرة عليهم يقسم بالله ويتعهد بأنهم لن يوظفوا المساجد فى الترويج للانتخابات، وقتها سأمنحهم تراخيص. أنا لا أتوقع أن يكون «برهامى» ورموز الدعوة السلفية المعروفون محايدين فى الانتخابات البرلمانية، وأرى أنهم سيوظفون دعوتهم لخدمة حزب النور سياسياً، وأنا على أتم استعداد لمنحهم تصاريح خطابة إذا جاءنى مسئول منهم له سيطرة عليهم يقسم بالله ويتعهد بأنهم لن يوظفوا المساجد فى الترويج للانتخابات، وقتها سأمنحهم تراخيص.
«عفيفى» أفرغ الوزارة من مضمونها وسلمها للإخوان والسلفية.. ووضع رجال «الجماعة» فى 90% من مناصبها
■ هل عقدت جلسات مع السلفيين؟
- بابى مفتوح للجميع، فقد قابلت الصوفيين، والحركات الشبابية، والأحزاب اليسارية والليبرالية، فأنا أسمع وألتقى كل الأطراف، باستثناء من يتبنون العنف والتخريب والإخوان، فهؤلاء لم ولن أقابلهم على الإطلاق. وأنا قابلت وفداً من الدعوة السلفية، برئاسة الدكتور يونس مخيون، رئيس النور، ولم يكن الأمر سراً بل معلناً، ونشرنا الخبر على موقع الوزارة، إلا أن هناك خلطاً ولغطاً يحدث عقب تلك المقابلات، بسبب تعدد التفسيرات والتأويلات بشأنها، لكن تلك اللقاءات لم يترتب عليها صفقة أو أى أثر، وأقولها بالفم المليان: «لن يحصل أى فصيل أو تيار منا على شىء مخالف للقانون والمصلحة العامة والدعوة، ولو التقانا ألف مرة»، ويحكمنا فى ذلك ضابطان؛ هما: الشرع والقانون.
■ هل طلبت الدعوة السلفية تدخل رئيس الجمهورية؟
- أنا لا أسأل فى مثل هذه الأمور، ومن حق أى مواطن أو فصيل أن يلجأ للرئاسة أو للحكومة، كما أنه من حقنا تطبيق القانون.
■ هل الرئيس عبدالفتاح السيسى طلب منك شيئاً فى هذا الملف؟
- أى أمور تتعلق بالرئاسة لست مخولاً بالحديث عنها، والحكمة تقتضى أن التفاهم مع كل الجهات السيادية يكون للمصلحة العامة، وأن أى كلام يقال فى تلك المرحلة سيجرى تأويله وتحميله ما لا يحتمل.
■ ولكن الوزارة منحت تصاريح خطابة لمشايخ ينتمون للدعوة السلفية؟
- نعم، هناك 6 أشخاص، ولكنهم ليسوا رموزاً سياسية ولا يعملون بالسياسة، كما أنهم تحت المتابعة، وهم من خريجى الأزهر، وتنطبق عليهم شروط الخطابة، وأيضاً منحنا «الجمعية الشرعية» بعض تراخيص للخطابة، وهذا دليل على أننا لا نقصى أحداً، فمن يلتزم بنهج الأزهر والأوقاف فلا مانع من التصريح له بالخطابة.
■ هل التصاريح التى مُنحت لسلفيين و«الجمعية الشرعية» من قبيل التوازنات أو الحصص؟
- هذا غير صحيح على الإطلاق، فأنا أرفض منح أى تيار أو فصيل، سواء «جمعية شرعية» أو «أنصار السنة المحمدية» أو الدعوة السلفية، حصصاً على حساب الدعوة والقانون، ولكن من تنطبق عليه الشروط لا نمانع فى قبوله، ولا نقصى أحداً على الهوية.
■ ماذا عن المحاضر التى حررتها الأوقاف ضد مشايخ السلفية؟
- نحن نحرر محاضر ضد كل من يخالف القانون، لا ضد فصيل بعينه.
■ وما عقوبة المخالفين؟
- العقوبة وفق القانون هى الحبس من 3 أشهر إلى سنة، وغرامة من 20 إلى 50 ألف جنيه، ومؤخراً استدعيت الشيخ أحمد عبدالمؤمن، وكيل الوزارة بأوقاف الإسكندرية، بعدما خطب «برهامى» فى أحد المساجد الأهلية وألقى درساً فى مسجد آخر، وتم تحرير محضرين ضده، وطالبت وكيل الوزارة بضم أكبر 5 مساجد تابعة للدعوة السلفية فى الإسكندرية للأوقاف وإرسال أئمة وخطباء متميزين لها لإحكام السيطرة عليها. كما أرسلت لجنة من الوزارة إلى الإسكندرية لتوزيع العمالة على المساجد، بحيث يحكمون قبضتهم عليها ولا يتركون مفاتيحها لأى مجلس إدارة أو تيار يمكن أن يستغلها لعقد اجتماعات جانبية أو دروس لتيارات متشددة داخل صحونها وساحاتها، كما وجهت إلى أن الستة الذين حصلوا على تراخيص خطابة من السلفيين سيجرى سحب تراخيصهم لو مكنوا «برهامى» من الخطابة.
■ وإلى أين انتهت المحاضر المحررة ضد المخالفين، كـ«برهامى ومحمد حسين يعقوب وأبوإسحاق الحوينى»؟
- أنا كلفت الشيخ محمد عبدالرازق، رئيس القطاع الدينى، والأستاذ سمير الرفاعى، رئيس الإدارة المركزية للشئون القانونية، بمتابعة كل المحاضر التى حُررت ضد المخالفين، لأنها بعد صدور قانون الخطابة تحولت من محاضر إدارية إلى جنح، وهناك ترتيب مع وزير العدل لسرعة إنهاء الضبطية القضائية لمفتشى الأوقاف، حتى نستطيع حسم الأمور سريعاً وضبط الخطاب الدينى وإحكام السيطرة على المساجد.
■ ماذا عن التجاوزات التى وقعت فيها «الجمعية الشرعية»؟
- نحن نطبق القانون على الجميع، وأى تجاوزات تصل إلينا نتخذ إجراءاتنا ضدها على الفور، فمثلاً منذ ساعات مسجد توحيد المعسكر بالمطرية تم وضعه تحت الإشراف الكامل لأوقاف القاهرة، نظراً للتجاوزات التى كانت تصدر عن بعض المنتمين لتنظيم الإخوان بهذا المسجد، وكلفنا الشيخ محمد عبدالرحمن أحمد إماماً وخطيباً له، مع نقل واستبدال عمال المسجد لتقصيرهم فى عملهم، وأيضاً وجهنا تحذيراً شديداً لـ«الجمعية الشرعية» لعدم سيطرتها وعدم قدرتها على ضبط الملحقات والأماكن التابعة لها وتركها لبعض العناصر الإخوانية، وشددنا على أهمية إحكام «الجمعية الشرعية الرئيسية» سيطرتها على ملحقاتها، وعدم تمكين المتطرفين أو المتشددين منها، خصوصاً بعد العثور على سلاح فى أحد الملحقات التابعة لها بحلوان، وفى الجيزة قررنا نقل إمام وعمال مسجد الحرمين بالوراق، وإحالتهم للتحقيق لتقصيرهم فى عملهم واستغلال بعض عناصر الإخوان و«الجمعية الشرعية» للمسجد، ما يخرج به عن دوره الدعوى الوسطى.
■ ولكن البعض يرى «الجمعية الشرعية» ما زالت غطاءً للإخوان؟
- أنا سيطرتى تكون على صحن المسجد، أما «الجمعية الشرعية» وملحقاتها فهى مسئولية وزارة التضامن الاجتماعى، والجمعية ككيان لها أعمال وأنشطة اجتماعية جيدة، ولكن للأسف الشديد أقولها تكراراً ومراراً إذا أرادت الجمعية الدخول فى اللُّحمة الوطنية، فلا بد أن تطهر نفسها من الإخوان فى مجلس إدارتها وفروعها، فلا زال الدكتور طلعت عفيفى، وزير الأوقاف السابق فى عهد الإخوان، يعمل الوكيل العلمى للجمعية، وعضو مجلس إدارتها، وهو بوق للإخوان ويروج لأفكارهم.
وأيضاً الجمعيات التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى مجالها العمل الخيرى والاجتماعى، وأقول لهم دعوا الدعوة لأصحابها. وحذرت من خطورة وجود مقرات وأموال للكثير من الجمعيات يجرى استخدامها لصالح بعض التيارات، وتحديداً الإخوان والسلفيين، حيث يستغلون الملحقات والمقار المجانية والمكيفة ودور المناسبات، وبالتالى غالبية الجمعيات تُخدِّم انتخابياً على الإخوان والسلفيين، وتعتبر ظهيراً لوجستياً لعودة خلايا الإخوان النائمة للبرلمان المقبل، لذلك لا بد من رقابة حاسمة وصارمة من الدولة على تلك الجمعيات، ومعرفة توجهات أعضائها ومجالس إداراتها، لأن بعضها خرج عن دوره الرئيسى وانحرف فى اتجاه توظيف الجمعيات سياسياً وحزبياً وطائفياً. ■ وكيف تكون الرقابة على تلك الجمعيات؟
- بأن تضطلع الجهات الرقابية بدورها فى تفعيل القانون، وعدم جمع أى أموال دون تصريح وإيصال رسمى، وأن تكون كل وجوه الإنفاق وفق آليات قانونية واضحة، وفى إطار من الشفافية الكاملة لكل ما تمارسه من أعمال. ونرفض أن تكون للجمعيات أجنحة دعوية لأن الدعوة مهمة الأزهر والأوقاف، فلهما خط دعوى مميز يضع خططاً دعوية مدروسة تراعى جميع المصالح والجوانب العقدية والتعبدية والإيمانية والأخلاقية والاجتماعية والثقافية، ولم تعد هناك حاجة إلى أن تكون للجمعيات أجنحة دعوية خاصة بها، لأننا لو سمحنا لكل جمعية على اختلاف ميولها واتجاهاتها وولاءاتها بجناح دعوى، فإن هذا سيتبع الشرق فيما يتبع غيره الغرب. والمراقب الجيد للساحة يدرك أن بعض الخطباء والكتاب وإن قلوا قد يوجهون نظرهم صوب الخارج أكثر ما يراعون الداخل، بحثاً عن مصلحة مادية أو معنوية ربما توفرها لهم جهات خارجية، لا يمكنهم الحصول عليها فى حدود وظيفتهم وموقعهم.
■ هل كانت مساجد مصر محتلة من قبل تلك التيارات؟
- 75٪ من المساجد كان محتلاً من الإخوان والسلفيين والجمعيات، والخطاب الدينى كان مختطفاً.
■ وأين كانت الدولة؟
- ما حدث كان نتيجة سياسات تراكمية، فعندما قابلت الدكتور حازم الببلاوى فى أول تشكيل حكومة له قلت: «لا توجد فوضى دعوية فى العالم كله كما فى مصر»، لأن سيطرة الوزارة على المساجد كانت شكلية ولا تتعدى 30% منها، ومعظم الجماعات والجمعيات مثل الإخوان سيطروا على الباقى، وللأسف الدكتور طلعت عفيفى، وزير الأوقاف فى عهد الإخوان، وزع الجزء الأكبر من المساجد على الجمعيات، وأبرم
بروتوكولات، وجعل المساجد حصصاً لـ«الجمعية الشرعية»، والدعوة السلفية والإخوان ولـ«أنصار السنة المحمدية»، وأفرغ الوزارة من مضمونها بحجة ترشيد النفقات، وكان هدف كل ذلك خدمة الإخوان، كما استعان بقيادات إخوانية فى الوزارة، تجاوزوا 90% ممن فيها.
■ متى تقول للشعب إن الدولة و«الأوقاف» سيطرتا بشكل كامل على المساجد؟
- أظن أننا قطعنا شوطاً كبيراً جداً فى هذا الطريق، والأمر يحتاج بعض الوقت لتغيير ثقافة شعب، فقد ضبطنا القواعد التنظيمية بنسبة كبيرة، وركزنا على الخطوات الفكرية، وكل يوم نخطو خطوات للأمام. وأتمنى أن تكتمل السيطرة المحكمة فى غضون شهور معدودة، وذلك لن يكون بمعزل عن المعطيات الداخلية والخارجية، فبمجرد استقرار الوضع الأمنى والعام سنكون أسبق الناس فيما يخصنا.
■ فيما يتعلق بالخطاب الدينى، ألا توجد أزمة وخطوات فاعلة لمواجهتها؟
- نعم، توجد أزمة، لكننا أخذنا خطوات فاعلة، وبدأنا الخوض فى قضايا كثيرة بعقلية واعية متفتحة، سواء فى الأزهر الشريف، بقيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، أو وزارة الأوقاف. وشكلنا لجاناً متعددة، منها لجنة لدراسة المستجدات والقضايا العصرية، تضم وزير الأوقاف ومفتى الديار ووكيل الأزهر، وأملنا كبير فى الوصول إلى العالم بكل لغاته، ونشرنا أول رسالة للجنة بتسع لغات عن القيم المشتركة بين الأديان السماوية، كما أن المؤتمر السنوى المقبل للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية سيعقد بعنوان «التطرف والغلو ومواجهة أباطيل المضللين»، ولدينا مؤتمر آخر فى البحرين بعد عيد الأضحى لمناقشة توصيات مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. ونحن أنشأنا إدارة للغات تابعة للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، تتولى رصد كل ما يكتب عن الإسلام وتصحيح المفاهيم المغلوطة. - نحن نفعِّل القانون، ووجهنا تحذيراً شديداً للتيار السلفى من محاولة بعض رموزه اختبار صلابة الوزارة، وتجاوز القانون، أو التعويل على السماحة التى نتحلى بها تغليباً للمصلحة الوطنية، وجمعاً للشمل، وإبعاداً لكل ألوان الفرقة والخلاف.
وأكدنا ونؤكد أننا نتعامل بمنتهى الموضوعية ولا نقصى أحداً على الهوية، ولا نصنف المجتمع المصرى ونقسمه مثلما حاول الآخرون، ونطبق القانون على من ينطبق عليه، ومع رفضنا الدائم لخلط الدين بالسياسة الحزبية.
وننصح التيار السلفى بعدم تكرار أخطاء الإخوان سواء فى عدم الالتزام بكلمتهم، أو محاولتهم تجاوز القانون، أو تعمدهم اختبار صلابة وقوة الدولة، أو الاستقواء بالجماهير والتمترس بها، فكل ذلك لن يزيدنا إلا قوة وصلابة وتمسكاً بدولة القانون، لا دولة الجماهير وحشد الأهل والأتباع والعشيرة، فهذا ما لم يعد الشعب يقبله أو يتحمله.
■ ماذا عن أوضاع الأئمة حالياً؟
- نعمل على رفع مستوى الأئمة، بالتدريب المستمر، لهم والمفتشين، وعقد دورات مستمرة فى 9 مراكز على مستوى الجمهورية، والجديد لدينا أن الوزارة بدأت تدريباً نوعياً لنحو ألف إمام، على الثقافة البيئية والمجتمعية والمائية، بحيث يذهب كل خطيب مع مهندس إلى قرية أو نجع، ليتحدث للناس عن الجوانب الشرعية، وكيف أن الدين ينهى عن الإسراف ويدعو لترشيد الاستهلاك فى استخدام المياه، والحفاظ عليها من التلوث، فيما يتناول المهندس الجانب الفنى عن مشاكل الترع والمصارف، ليتلقيا بعدها شكاوى المواطنين
وأسئلتهم ويجيبا عنها، وقد وقعنا بروتوكولاً مع وزير الرى يهدف إلى ترشيد المياه والحفاظ على كل قطرة، وحمايتها من التلوث وعدم التعدى على النيل بالبناء أو الردم، تطبيقاً لتعاليم الإسلام وتحقيقاً لمصالح البلاد والعباد، فالقرآن الكريم والسنة النبوية، حثانا على ضرورة ترشيد استعمال المياه دون إسراف، والحفاظ عليها من كل ما يُكدرها أو يسىء استخدامها، كما أن الاعتداء على النيل يُعد تعدّياً على نعم الله -عزّ وجلّ- وعلى حقوق البلاد والعباد، لأنه شريان الحياة لمصر، كما قررنا تدريب الأئمة على البورصة.
وزير الأوقاف يتحدث لـ«الوطن»
■ وكيف ذلك؟
- فى نهاية الشهر الماضى استقبلت محمد عمران، رئيس البورصة، لبحث سبل التعاون فى مجال الدورات الاقتصادية المتخصصة لشباب الأئمة، وبعض العاملين فى المجال الاقتصادى والاستثمارى بالهيئة، وتم الاتفاق على عقد عدد من الدورات لهم بمقر البورصة، للاطلاع على طبيعة الأعمال بها، من باب نشر الثقافة الاقتصادية لديهم، لأن الحكم على الشىء فرع عن تصوره، وهذا نوع من التنوع الثقافى، وأيضاً معنيون بالثقافة الطبية؛ فلأول مرة فى رمضان الماضى نظمنا عدة ندوات بالمساجد عن الطب الوقائى وسنكررها فى موسم الحج، وبالتالى المسجد ليس قاصراً على الأمور الدينية والتعبدية فقط، بل يهتم بمصالح الناس فى شتى نواحى الحياة، وهذا نوع من التجديد العملى للخطاب الدينى، وكل من يلقى نظرة على موضوعات خطب الوزارة يراها بعيدة تماماً عن التقليدية والنمطية، ومن آخر تلك الخطب كان الحديث عن المشروعات الكبرى بين الأمل والعمل، وركزنا على مشروع قناة السويس الجديدة، وقريباً سنصدر كتاباً يحوى 54 خطبة جمعة، هى حصيلة موضوعات الخطب الموحدة عن العام الماضى، لتكون مرجعاً، وتحت يد الإمام والخطيب، ولعلك تسأل من جرأ غير المتخصصين على الدعوة والخطابة، فأقول إن الخطب كانت نمطية ومحفوظة، أما الآن فصارت الأوقاف تختار المستجدات والموضوعات غير التقليدية، التى يصعب على غير المتخصص الإلمام بها.
■ هل الأزهر والأوقاف المسئولان فقط عن تجديد الخطاب الدينى؟
- بالتأكيد هناك رؤية عامة ثقافية، ولا نستطيع الحجر على أحد سواء كان كاتباً أو مفكراً أو مثقفاً، عندما يتحدث عن رصد الواقع ويحلل ويقدم رؤية، وهذا من حق كل شخص، أما كيفية تطوير الخطاب الدينى وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، ونشر الفكر الصحيح ومحاربة التشدد والتسيب، فهذا بشكل كبير يرجع للمؤسسة الدينية.
■ وهل لدى الدولة خطة لمواجهة الإرهاب؟ «أعداء بيت المقدس» صنيعة صهيونية.. و«داعش والإخوان» يقودان حرباً بالوكالة عن الصهيونية.. ولم أتوقع «حمق»
القرضاوى
- بالتأكيد كل أجهزة الدولة لديها خطة لمواجهة الإرهاب، ووزارة الأوقاف تؤدى دورها فى محاصرة الفكر المتطرف وعدم تمكين هذا التيار المتطرف من السيطرة على المساجد وضبط الخطاب الدعوى.
■ لماذا طالبتم بتطهير جامعة الأزهر من قيادات الإخوان والسيطرة على المساجد داخلها؟
- نعم، طالبت بتطهير الجامعة من قيادات الإخوان، حتى لا يعرقلوا المسيرة التعليمية، ولمنع تكرار حوادث العنف والتحريض على التخريب التى شهدتها العام الماضى، ووضعت كل ملاحظاتى تحت تصرف زملائى فى الجامعة، وجرى التنسيق مع القيادات فى الجامعة لوضع خطة للإشراف على جميع مساجدها ومساجد المدن الجامعية، من خلال اختيار نخبة أزهرية خالصة مميزة من المدرسين المساعدين والمعيدين بالكليات الشرعية، لا تنتمى لأى جماعة دينية أو سياسية، لأداء الخطب والدروس الدينية وإمامة الصلاة، إضافة إلى مجموعة متميزة من الطلاب المتفوقين فى الكليات الشرعية لإمامة الصلاة أيضاً، وذلك من خلال اختبارهم على يد لجنة مشكلة من أساتذة الجامعة وأحد وكلاء وزارة الأوقاف، وفق ضوابط قانون ممارسة الخطابة، بحيث تستخرج وزارة الأوقاف تصاريح خطابة لمن تنطبق عليهم الشروط، مع صرف مكافأة لمن يؤدون خطب الجمع بهذه المساجد، فيما توفر الجامعة السكن والإقامة بالمدن الجامعية لمن يقع عليه الاختيار، بحيث لا يسمح لغير المصرح لهم بالخطابة أو إلقاء الدروس أو الإمامة فى جميع مساجد الجامعة والمدن، والوزارة ستطبق القانون بحسم على المخالفين.
■ هل كانت جامعة الأزهر العام الماضى بؤرة للإرهاب والتطرف؟
- هذا كلام لا يمكن القول به على الإطلاق، وإنما كانت هناك نماذج شاذة وفردية، وفى نفس الوقت منظمة ومؤثرة، وطالبنا بمواجهة تلك النماذج الشاذة بحزم، فمن يريد العمل الأكاديمى والدراسة، دون أن يوظف رسالته لحزب أو جماعة فأهلاً به، أما من يخرج عن الإطار واللوائح ويعكر صفو الدراسة، فيجب محاسبته، والإمام الأكبر يتابع الأمر بنفسه ولدينا أمل كبير خلال الأسابيع المقبلة، أن نرى خطوات فى الاتجاه الصحيح.
■ هل تحدثت مع شيخ الأزهر فى هذا الأمر؟
- نعم، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور «الطيب»، يفسح صدره لكل الرؤى، وينصت للجميع، فهو شخصية وطنية ودينية ويسعى لتصحيح المسار، ويتحلى بحكمة وشجاعة.
■ هل كنت تتوقع أن ترى مشاهد العنف التى شهدتها جامعة الأزهر العام الماضى؟
- لا أنا ولا غيرى كان يتوقع أن يكون الإخوان بهذا العنف، والجرم والحدة، أو أنهم هدامون لهذه الدرجة، فأكثر المتشائمين لم يتوقعوا أن يصل بهم الأمر لهذا العبث والتدمير والقتل والكذب الممنهج، بل والحمق والطيش.
■ ما رأيك فى دعوات المصالحة مع الإخوان التى يطلقها البعض؟
- دعوات المصالحة من الإخوان أو أعوانهم فى هذا التوقيت، ما هى إلا مناورة لكسب موقف، فمن يريد المصالحة لا بد أن يتوقف عن العنف، ويعتذر عما بدر منه، ويحترم أحكام القضاء فيمن تلوثت أيديهم
المصالحة لا بد أن يتوقف عن العنف، ويعتذر عما بدر منه، ويحترم أحكام القضاء فيمن تلوثت أيديهم بالدماء، لكنى أرى أن هناك توزيعاً للأدوار، فهناك فريق يقتل ويدمر ويخرب ويحمل السلاح، ويحرض من قطر، ويتآمر من ليبيا، ويحشد التنظيم الدولى فى تركيا ويتحالف مع «داعش» فى سوريا والعراق، وفريق آخر يلبس ثياب التماسيح ويراوغ مراوغة الثعالب ويدعى الوطنية ويناور بالرغبة فى المصالحة، فى محاولة لخداع شعب لم يعد يُخدَع، وذلك بعد أن أفشل قادة الإخوان كل محاولات الصلح التى سبقت سقوطهم، وأعقبته، ولكن إذا لم ينتبه الجميع لهذا الخطر، ولم تكن هناك وقفة حاسمة تجاه قيادات الإخوان التى أطلق سراحها فأخذت تعقد المؤتمرات، وتخرج على وسائل الإعلام المحرضة، لتهدد أمن الوطن واستقراره، فإن العواقب ستكون وخيمة، فمن كان صادقاً فى وطنيته، حريصاً على أمن وطنه واستقراره، وعدم التعاون مع أعدائه، فليعلن صراحة رفضه الواضح الذى لا لبس فيه لإرهاب الإخوان، ولكل أساليب العنف والتخريب التى تتبناها، فإما أن يكون الإنسان فى صف وطنه بحق، أو فى صف أعدائه، لأن الظروف والتحديات المحيطة بنا فى الداخل والخارج لا تحتمل غض الطرف عما يهدد أمننا القومى، أما من أراد الحياة الآمنة السلمية لنفسه ووطنه وانضم إلى اللحمة الوطنية فى رفض جميع أنواع العنف والإرهاب ظاهراً وباطناً بلا مخادعة ولا مناورة، فإن الوطن واسع ورحمة الله -عز وجل- أوسع.
■ هل توجد اتجاهات للمصالحة؟
- قبل ثورة 30 يونيو، أجرى الأزهر محاولات عديدة، من أجل إتمام المصالحة، إلا أن الإخوان أفسدوها جميعاً، وأنا لا علم لى بوجود مصالحات حالياً من عدمه.
■ ما مطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى من المؤسسة الدينية بشأن الخطاب الدينى؟
- الرئيس يطالبنا دائماً بخطاب دينى عصرى منضبط بضوابط الشرع وبعيد عن التشدد والانحراف.
■ ما تعليقك على بيان الإفتاء، بشأن برنامج «الراقصة»؟
- مع إيماننا الكامل بحرية التعبير المنضبطة بضوابط القيم والأخلاق والحضارة الإسلامية والعربية والمصرية الراقية، التى لا تقبل الإسفاف ولا الانحلال ولا الخلاعة ولا المجون ولا الابتذال، ولا الفوضى الأخلاقية تحت اسم الحرية أو أى اسم آخر، فإننا نؤكد أن مصر تواجه تحديات خطيرة فى الداخل والخارج، وأى وطنى غيور على دينه ووطنه مسلماً كان أو مسيحياً لا بد أن يراعى قيم هذا المجتمع وآدابه وفطرته السليمة النقيّة، وأن يرفض كل الظواهر الشاذة مهما كان غطاؤها أو اسمها، لأنها فى النهاية لا تخدم سوى قوى التطرف والإرهاب، التى تزعم أنها حامية حمى الدين والأخلاق، وأن بُعدها عن الساحة أوصل البعض لهذه الدرجة من الإسفاف، ما يحملنا جميعاً مسئولية كبيرة تجاه ديننا ووطننا وقيمنا الحضارية الأصيلة الرافضة للشذوذ والشواذ، والانحراف والمنحرفين، والخارجين على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده الراسخة، ومروجى الخلاعة والمجون والفجور تحت أى اسم كان، تشمئز منه النفوس الصافية، ويبرأ كل وطنى صادق يدرك حجم التحديات التى نعيشها من أن يقع فيه، فلنصحح جميعاً أوضاعنا قبل فوات الأوان.
يدرك حجم التحديات التى نعيشها من أن يقع فيه، فلنصحح جميعاً أوضاعنا قبل فوات الأوان.
وزير الأوقاف يتحدث لـ«الوطن»
■ وكيف يمكننا أن نواجه الانحلال الأخلاقى؟
- هذه ليست مهمة رجال الدين وحدهم، وإنما هناك دور على الإعلاميين والمفكرين والمثقفين، وسعدت كثيراً بوجود شبه إجماع وطنى من المفكرين والإعلاميين على رفض الانحلال الأخلاقى والشذوذ، وذلك على نفس قدر رفضهم للتطرف لأن المفكرين يدركون أن إشاعة الفاحشة خطر على المجتمع أكثر من التطرف، وأيضاً هم أكثر حجة وتأثيراً من رجال الدين والمحسوبين على المؤسسة الدينية فى التصدى لتلك الأعمال الغريبة على مجتمعنا ولا يقبلها مسلم ولا مسيحى.
■ وما تعليقك على تصريحات القرضاوى بش
بشأن انضمام شباب قطرى لداعش؟
- تعليقاً على الفيديو المسجل ليوسف القرضاوى الذى يأسى فيه على انضمام عدد من الشباب القطرى إلى تنظيم داعش الإرهابى، وأن هذا الشباب القطرى أصبح مع الداعشيين فى تكفير المسلمين وقتل الآمنين المسالمين، أرى أن هذه الظاهرة نتيجة طبيعية لإيواء الإرهابيين وقيادات التنظيم الدولى للإخوان، فالإرهاب هو الإرهاب، وأكدنا مراراً أن الإرهاب يأكل من يدعمه ويؤويه، اليوم أو غداً، وإن غداً لناظره قريب، غير أن انتظارنا لهذا الغد لم يطل، وجاء أسرع مما يتوقع الجميع، وهذه ليست النهاية، فكلما تمكن الإرهابيون من بلد انقضّوا على ما فيه ومن فيه، ولو كان فى هؤلاء الإرهابيين خير لما تنكروا لأوطانهم، وعاثوا فيها فساداً.
■ هل صدمت فى مواقف القرضاوى وتأييده المطلق للإخوان؟
- فى الحقيقة كانت لنا بعض الملاحظات على الإخوان، ولم أتوقع هذا الطيش والحمق، فالقرضاوى فقد توازنه وخرج عن السياق، وصارت له نظرة استعلائية وطموح للسلطة.
■ وما رأيك فى فتواه أثناء العدوان على غزة، بأنهم غير ملزمين بالجهاد ضد إسرائيل؟
- هذا شخص خرج عن الفكر الصحيح، ولك أن تتوقع منه أى شىء.
■ يتهم البعض، وقناة الجزيرة، الأوقاف بالخضوع للأمن، وأنه يسيطر على قراراتها؟
- قناة الجزيرة بوق لقيادات الإخوان، لا يردد سوى الكذب والافتراءات، وينطبق على تلك القناة قول المتنبى: وإذا أتَتْكَ مَذَمّتى من نَاقِصٍ.. فَهىَ الشّهادَةُ لى بأنّى كامِلُ. وأنا لى ضابطان فى كل ما يصدر عنى من قرارات، هما الشرع والقانون، وأتحدى وجود قرار واحد صدر عن الوزارة فى عهدى حمل مخالفة شرعية أو قانونية، والأمر محسوم لا يوجد تدخل من أى جهة فى توجيه شئون الأوقاف، سواء الاقتصادية أو الدعوية أو التنظيمية، وقرارنا نأخذه بما يرضى الله.
■ وما رأيك فى ممارسات من يطلقون على أنفسهم تنظيم بيت المقدس؟
- هؤلاء هم صنيعة الصهيونية، لأن المستفيد الأول من تفتيت المنطقة هو العدو الصهيونى، وداعش والإخوان يقودان حرباً بالوكالة عن العدو الصهيونى الذى يستفيد من ضعف المنطقة وإنهاك جيوشها، فضلاً عن القوى الاستعمارية الطامعة فى نفط الخليج وثروات الأمة وميزاتها الجغرافية، وبعض الدول التى تريد أن تتبوأ حجماً ووضعاً أكبر من مكانتها وقدراتها، وأذكر أن مفتى لبنان قال إن داعش وأنصاره «بندقية بالإيجار» لمن يدفع لهم ويمولهم، فمن غير المنطقى وجود تنظيم إرهابى بهذا الشكل، يمتلك تلك الأسلحة والقوة التى ظهرت فجأة، ولا يوجد من يدعمه، وعموماً الإرهاب لا دين له، ويأكل من يدعمه إن اليوم أو غداً وسيكتوى بناره، وهذه رسالة للنظام القطرى؛ لأن قطر تؤوى الإرهابيين والسفاحين والقتلة، وانضمام عدد من شبابها لداعش هو أول الخيط وليس آخره، وكلما زاد تمكن قيادات الإخوان من قطر انضم شبابها لتيارات الإرهاب. ويحضرنى فى هذا المقام ما ذكره الأصمعى من قصة امرأة بدوية، وجدت ذئباً صغيراً، فأشفقت عليه وأخذته إلى بيتها وآوته، وأرضعته من شاة لها، فلما قويت أنيابه بقر ضرتها، فأنشدت الأعرابية تقول: «بقرتَ شويهتى وفجعتَ قلبى.. وأنت لشاتنا ولدٌ ربيبُ. غذيتَ بدرها ورضعت منه.. فمَن أنباكَ أن أباكَ ذيبُ. إذا كان الطباع طباع سوء.. فلا أدبٌ يفيد ولا أديبُ». وبالتالى أدعو عقلاء الأمة وحكماءها إلى الاستيقاظ قبل فوات الأوان، وقبل الندم حين لا ينفع الندم.
■ ماذا عن دعمكم لمشروع قناة السويس الجديدة؟ - أرى أن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية فى تاريخ مصر، لذلك وافق صندوق التكافل الاجتماعى للعاملين بوزارة الأوقاف على استثمار 400 مليون جنيه من رأس مال الصندوق فى مشروع القناة الجديدة، وشراء شهادات استثمار بهذا المبلغ، والقرار جاء فى إطار توجيهات وزارة الأوقاف، بضرورة مساهمة المصريين فى مشروع القناة، ودعمها، وسيبدأ من اليوم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة لتفعيله، وهو ما يصب فى صالح المشتركين فى هذا الصندوق.كما وافق مجلس إدارة هيئة الأوقاف، من جهة أخرى على استثمار مبلغ 250 مليون جنيه فى تطوير مشروع المنيل القديم بشقيه الاجتماعى والاستثمارى، ليكون إجمالى ما خصصته الوزارة والهيئة 650 مليون جنيه كدفعة أولى للاستثمار فى المشروعات الاقتصادية الوطنية الكبرى.
■ ما آخر التطورات فيما يخص هيئة الأوقاف وأموالها؟
- قطعنا شوطاً كبيراً فى ضبط الهيئة وتحويلها لهيئة اقتصادية فاعلة، وأموال الأوقاف والإصلاح الزراعى، وأملاك الدولة يمكن أن تحدث نقلة كبيرة فى الاقتصاد الوطنى، ونحن أحدثنا نهضة فى الإسكان الاجتماعى للشباب والإسكان الاستثمارى، ودخلنا فى نطاق تطوير العشوائيات، ولدينا سوق الخميس بالمطرية وقريباً سننتهى منه بعد إزالة بعض العقبات، بالإضافة إلى إنشاء أكبر سوق حضارى فى المنيا على مساحة 54 ألف متر، وأوشكنا على الانتهاء، كما قررنا تشكيل لجنة قانونية لدراسة قانون الهيئة، وتقديم مقترح بالمواد التى تتطلب تعديلاً حتى تصبح الهيئة عصرية حديثة، بحيث يمكنها الانطلاق والمشاركة فى المشروعات الاقتصادية الوطنية الكبرى على أسس استثمارية ووطنية واضحة، ومن أهم ما طرح للتعديل هو نشر ثقافة الوقف والتشجيع عليه مع تغليظ عقوبة الاعتداء على أراضى الوقف أو تسهيل الاعتداء أو الاستيلاء عليها، أو تسريب حجج أو مستندات بما يضر بمال الوقف.
كما قرر مجلس الهيئة تشكيل لجنة لحصر كل ممتلكات الأوقاف، ولجنة لحصر التعديات ومواجهتها، على أن تقوم الشركة الوطنية لاستثمارات الأوقاف بمهمة حراسة أراضى الأوقاف ومنشآتها من خلال التنسيق مع الأجهزة المعنية بالدولة، وقرر المجلس إعادة هيكلة نظام المكافآت ووضع حد أقصى داخلى لكل شريحة أو وظيفة فى إطار الحدين الأدنى والأقصى الذى حدده القانون، وتقليص الفوارق المالية بين موظفى الهيئة بما يحقق أقصى قدر ممكن من العدالة الاجتماعية، بحيث يشمل ذلك العاملين بديوان عام الهيئة ومناطقها، مع إعادة هيكلة الوظائف بما يربط المكافآت والحوافز بالإنتاج والإنجاز الفعلى. وشدد مجلس الهيئة على تفعيل المادة رقم 5 من القرار الوزارى رقم 81 لسنة 1976 بشأن صرف مكافأة يقدِّرها مجلس إدارة الهيئة لكل من يمد الأوقاف بمعلومات أو مستندات تسهم فى استرداد الأوقاف لأملاكها المنهوبة أو المُعتدى عليها.
■ بمناسبة رئاستك لبعثة الحج العام الحالى، هل من إجراءات وضوابط جديدة تم اتخاذها؟
- نحن أكثر وعياً من العام الماضى، واستفدنا من التجربة ولن نسمح باستغلال موسم الحج سياسياً، وطالبنا بترحيل أى حاج يروج لشعارات سياسية أو يتجاوز أمنياً، أو يتطاول على رموز الدولة، أو يشوه الشخصية المصرية وينال من كرامة الشعب، فلأول مرة تم اتخاذ قرار بترحيل أى حاج يجرى ضبطه متسولاً فى محيط الحرمين، أو فى أى مكان بالمملكة، انتصاراً لثورتى 25 يناير و30 يونيو.